هل الإنسان مسير ام مخير ؟
موضوع شائك يراود كثيرا من العقول والأذهان ، وخاصة بين الشباب .. نقصد بهذا الموضوع ( القدر ) - هل الإنسان مسير ام مخير ؟ وكثير من الأسئلة تدور حول هذه القضايا ..
* حيث يقال :
- إن كل إنسان معروف مسبقا عند الله أنه من أهل الجنة أو من أهل النار .
- الله خلقنا وكتب علينا كل أفعالنا فلماذا يحاسبنا علي الأفعال الشريرة التي نرتكبها .؟
- الله يعين الإنسان علي الطاعة ، وأنا أريد أن التزم بطاعة الله فإذا لم التزم ولم يعينني الله ، فلماذا يحاسبني ؟
هذه بعض التساؤلات التي تخطر علي بال البعض منا ، وأحيانا يكتمها ولا يتحدث فيها تحرجا ، فنشعر بان هناك أسئلة تدخل في مناطق يأثم الإنسان إذا سألها .. بل إذا فكر فيها .
* تعالي معي أخي وأختي ..
لنغوص في بحر علم الشيخ / محمد متولي الشعراوي .. لمعرفة الإجابة علي هذه الأسئلة ..
* يقول فضيلة الإمام :
" إن الأسئلة التي ذكرت تدور حول فكرة كثيرا ما نسمعها من الشباب ومن غيرهم وفي شتي الأديان ، ومن الإنصاف أن نقول إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي استطاع بوضوح أن يضع النقط علي الحروف في مثل هذه المسألة ليقنع القلب والعقل والوجدان .
وليس في ذلك نقص في الديانات السابقة ولكن النقص نشأ من إن مناهج الديانات السابقة لم تصل كما انزلها الله علي رسله بل نقلت محرفة وليس ذلك عيبا في الدين ولكن العيب في من نقل ذلك الدين "
* موضوع الإنسان مسير ام مخير ؟ مجبر ام مختار ؟
من أين نشأت هذه المشكلة ؟ إذا قلت والله أنا لا استطيع أن احكم علي فلان ، هل هو كريم ام بخيل ؟ لا تنشأ هذه المشكلة في الحكم إلا إذا وجدت له بعض التصرفات كان فيها كريما ، وتصرفات أخري كان فيها بخيلا ، فتتردد في المسألة أهو كريم ام بخيل .
لو كان كل التصرفات التي أخذتها عليه ( كرم ) ما كان ( هل هو بخيل )
ولو أن كل تصرفاته ( بخل ) ما كان ( هل هو كريم ) .
* وعلي هذا النمط السؤال : هل الإنسان مسير ام مخير ؟
- لو كان في ظاهر الحياة إن الإنسان يري نفسه انه مجبر علي كل أعماله ما نشأت فكرة انه مخير ،
- و لو انه مخير في كل أعماله ما نشأت فكرة انه مسير .
إذاً .. الإنسان يجد أفعال كثيرة تحدث له بدون اختيار منه ، فيري انه مسير لأنه ليس له اختيار فيها ، وأشياء كثيرة تقع علي حسب ما قدر واختار ، مثلا يري انه يريد أن يأكل طعاما معينا ، أو أن يلبس بدله لونها كذا ، يريد أن يتعلم في مدرسة كذا ، يريد أن يعمل كذا .. فتقع الأمور كما يقرر أو قريبا مما قرر .
إذاً .. فهناك أمور " للاختيار دخل فيها ، و أمور أخري ليس للاختيار دخل فيها .. " ومن هنا نشأت المشكلة ؟؟
الإنسان الذي تريد أن تحكم عليه بأنه مسير ام مخير ، لابد أن تعرف حقيقة هذا المحكوم عليه .. ما هو الإنسان أولا ؟
- الإنسان كائن من الكائنات الموجودة في الأرض وليس الجنس الوحيد فيها ولكن يوجد هناك أجناس أخري تشاركه في الوجود .
** بالاستقراء نجد أن الإنسان ارقي هذه الأجناس وكل الأجناس الاخري في خدمته ... اقرب الأجناس إلي الإنسان من جهة الدنو ( الحيوان ) وتحت الحيوان
( النبات ) وتحت النبات ( الجماد ) .
- النبات امتاز عن الجماد بالنمو ... والحيوان امتاز عن الجماد والنبات بالحس والحركة ... والإنسان امتاز عن الجماد والنبات والحيوان ( بالعقل أو الفكر ) ... ما معني العقل أو الفكر في الإنسان ؟
- العقل أو الفكر معناه المقياس الذي يختار بين البدائل ، فالأمر الذي لا بديل له .. لا عمل للعقل فيه . اذاًعمل العقل في أمر افعله او لا افعله ، اذا كان فيه بدائل وطالما فيه بدائل ، فعقلك يرجح ويختار ، إذاً فالإنسان رغم انه أعلي الأجناس إلا انه فيه حيوانية ونباتية وجمادية .
** فما في الإنسان من قدر الجمادية والنباتية والحيوانية ،،، هو مسير فيه كالجماد والنبات والحيوان .
- إذا ألقيت نفسك من اعلي تسقط كما يسقط الحجر ( قانون الجماد يتحكم فيك والجاذبية تشدك لأسفل ) أيضا أنمو ولا دخل لي في النمو . أيضا أحس وأتحرك وأنا ليس لي عمل في الإحساس او الحركة.
- وليس لي دخل في إدارة أجهزة جسمي فلا اعرف كيف تعمل الدورة الدموية ولا اعرف كيف تعمل الرئة ولا الجهاز الهضمي ولا الجهاز البولي ، كل هذا لا اعرف عنه شئ ،،،، ومن رحمة الحق ( سبحانه وتعالي ) أن جعلني مسيرا في ذلك كله وإلا تؤجل إدارة أجهزة جسمي وأنا صغيرإلي أن يصير لي عقل واعرف كيف أديرها ،، فهذه الأجهزة تؤدي عملها حتي وأنا نائم .. فإذا كان لي اختيار فمن يديرها لي وأنا نائم .
- اذاً ما يوجد في الإنسان من جمادية ونباتية وحيوانية ( مسير ) فيها كهذه الأجناس ولا اختيار له فيها ، تنفصل عملية الإجبار في الخصية التي تجعله إنسانا وهو ( العقل ) تلك هي منطقة الاختيار في الإنسان ، وهي منطقة التكليف من الله ( سبحانه وتعالي ) . ولذلك فاقد هذا لا يكلف من الحق ( سبحانه وتعالي ).
- فالمجنون لا يكلف لماذا ؟ لأنه فقد أداة الاختيار بين البدائل .. والصبي الذي لم ينضج عقله لم يكلف أيضا لأنه لم يصبح أهلا للحكم علي الأشياء ،، اذاً فربط التكليف بالعقل يدل علي أن مهمة التكليف تكون في الأمر الاختياري الذي يجد الإنسان فيه بديلا ( يفعل او لا يفعل ) ولو ان الإنسان لم يكن مخيرا لتساوي أن يكلف المجنون وغير ناضج العقل ..
- إذاً منطقة الاختيار هي " التميز" .. فالذي يقول الإنسان علي إطلاقه (مسير) يكون مخطئ في ذلك .
- الله ( سبحانه وتعالي ) هو خالق كل شئ وهو أيضا العدل ..... لذا .. نجد أن مهمة الرسل أن تبين منهج الله ( سبحانه وتعالي ) لتقول لك افعل كذا او لا تفعل كذا ، و الحق ( سبحانه وتعالي ) عندما يقول للإنسان ( افعل كذا او لا تفعل كذا ) فمعني هذا أن الله ( سبحانه وتعالي ) خلقنا صالحين للفعل او لعدم الفعل
- فإذا كان الله ( سبحانه وتعالي ) خلقني صالحا لأفعل فقط ما قال لي لا تفعل .... وإذا خلقني صالحا لعدم الفعل ما قال لي افعل .......
هذه هي صفة العدل للحق ( سبحانه وتعالي )
لعلي أكون قد وفقت في اختيار هذا الموضوع والرد عليه .. أسألكم الدعاء لروح أبي وأمي ..
الرئيسية 
