السورية للمحمول
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
السورية للمحمول

عالم متكامل لحلول المحمول
 
الرئيسيةالرئيسية  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



 

 الخط والدائرة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
GeeGee
عضو جديد
عضو جديد
GeeGee


عدد المشاركات : 46
عدد النقاط : 5131
مستوى التقييم : 10
تاريخ التسجيل : 12/07/2010

الخط والدائرة  Empty
مُساهمةموضوع: الخط والدائرة    الخط والدائرة  Emptyالأربعاء يوليو 21, 2010 5:31 pm


«وجدتها وجدتها.. هو ده بالضبط تلخيص مشكلتنا فى مصر.. لأ يا ربى ده تلخيص لمشكلة الإنسان فى الحياة نفسها»، هكذا هتفت مع أننى لم أكن أستحم فى البانيو وأتأمل فى الملكوت كما كان يفعل المرحوم أرشميدس، بل كنت أقرأ رواية رائعة اسمها «قصر القمل» للكاتبة التركية إليف شفق.

إذا كنت قد سافرت إلى تركيا أو قرأت كثيرا فى الأدب التركى فلن تستغرب كيف يمكن أن يجد الإنسان تلخيصا لمشاكل مصر فى رواية تركية. وإذا كنت قد قرأت على سبيل المثال لا الحصر ثلاثية عمنا نجيب محفوظ، أو رواية جسر على نهر درينا لعمنا إيفو أندريتش، أو جميع أعمال عم الكل تشيكوف، فلن تستغرب كيف يمكن أن يجد الإنسان تلخيصا لمشكلته بل وحلا لها فى رواية وليس فى كتاب علم نفس أو علم اجتماع، فقد قدم هؤلاء العظماء وكثيرون غيرهم أرفع نموذج للأدب الروائى عندما يتجاوز وظيفة الإمتاع والتسلية، أقول يتجاوزها ولم أقل يفقدها، لكى تصبح الرواية رحلة يبحر فيها الإنسان فى نفسه وواقعه وأحوال الدنيا والبشر من حوله، كأنه عالم يمسك فى يده نظارة معظمة أو ينظر من خلال ميكروسكوب أو تلسكوب ليكتشف تفاصيل مبهرة لم يكن سيدركها بعينه المجردة.

رواية إليف شفق، التى ترجمها السورى القدير عبدالقادر عبدالله، ليست عن مصر طبعا، وإن كان ذكر القاهرة يرد فى مقطع منها بوصفها المدينة الأكثر صخبا والتى لا يسمع أهلها صخبها الهادر، هى رواية عن تركيا المعاصرة، ولكنها كشأن الكثير من الروايات العظيمة تضعك وجهاً لوجه أمام الخديعة التى انطلت علينا، أو بلعناها بمزاجنا لأن تصديقها «أريح»، خديعة أن مشاكلنا فى مصر مستحيلة الحل وغير موجودة فى أى مكان فى العالم، وكتالوج الحل موجود فقط عند الذين يستبدون بنا وينهبون بلادنا ويورثونها لأبنائهم والأولى بالمعروف من أقاربهم،

بينما لو قرأنا أى عمل أدبى عظيم سنجد أننا لسنا بدعا بين البشر، وأن كتالوج الحل فى أيدينا نحن، ويمكن أن نمتلكه كما امتلكه باقى خلق الله الذين أدركوا أن خلاصهم فى الديمقراطية الحقيقية التى برغم كل عيوبها فإنها تظل أفضل نظام بشرى صالح لحل مشاكل الإنسان لأنه يضمن إلى أبعد الحدود الممكنة بشريا قيما إنسانية مهمة، مثل تداول السلطة وحرية التعبير والتفكير والبحث العلمى وتكافؤ الفرص، على شريطة أن يتذكر الإنسان أنه لن يجد حلا لمشاكله يمكن أن يسقط عليه من السماء، بل لابد من أن يدفع ثمن هذا الحل ويسعى لتحقيقه بكل ما أوتى من قوة وجهد، وربما كانت أول خطوة يقوم بها هى أن يتذكر دائما أنه يجب أن يكون خطا مستقيما، وليس دائرة.

هذا بالضبط ما تقوله إليف شفق على لسان أحد أبطال روايتها، الذى كان يناقش مع زملائه فكرة الحظ وعلاقته بشعور الإنسان أن حياته عادلة أو أنها ظلمته ولم تعطه ما يستحق، كانوا مؤمنين إلى حد أغاظه بفكرة الحظ التى قال ميكيافيللى إنها تدير نصف الحياة وليس ثمة ما نستطيع فعله إزاء ذلك، فردّ عليهم قائلا: «لم أفهم لماذا عَلِقتُم إلى هذا الحد عند الحظ؟ القضية ليست قضية حظ وما حظ، بل هى الفرق بين الدائرة والخط المستقيم، إذا اعتقدت أنك تسير على خط مستقيم، فستعتقد أنك تترك وراءك أمورا ما، وأنك ستصل إلى مكان ما، ولكنك إذا فهمت الحياة بحسب الدائرة، فلا يمكن أن يكون هنالك ما يُدعى تقدما، هل أنت متصالح مع التكرار، أم لا؟ هذه هى القضية، رجل مثل ميكيافيللى لا يمكن أن يكون متصالحا مع التكرار، ماذا يعنى هضم التكرار؟

هل يعنى أنك ستعيش الحياة التى تعيشها الآن مرة أخرى، ولن يكون الغد مختلفا عن اليوم إلى هذا الحد، إننا نصل إلى السؤال الذى طرحه نيتشه حول روسو، إذا نزل إبليس صغير جدا من جهنم فى الساعة الأكثر وحدة من عمر الوحدة، ووقف أمامك وقال: لا تخف يا أخى، أنا أضمن لك عدم وجود ما يدعى الموت، لا يوجد سوى التكرار فقط، وستعيش من جديد كل ماعشته حتى الآن، كما عشته بالضبط، مرة أخرى بعد ذلك، وبعدها مرة أخرى وسيستمر هذا إلى الأبد، فماذا ستشعر حينئذ، كم منا من يستطيعون تحمل عيش الحياة مرارا وتكرارا، لا يمكن حتى للذين يؤمنون بدلال الحظ أن يعيشوا لحظات جنون كهذه، إن رجلا مثل ميكيافيللى سيقطع الدائرة من مكان ما، ويحولها إلى خط مستقيم من أجل تمكنه من تحمل الحياة، بعد ذلك تتولد فكرة التقدم، والفردية أيضا».

أى والله يا ست إليف، لذلك نحن نسأل أنفسنا كثيرا ليه إحنا بس دونا عن بلاد الله المتقدمة ما نعيده نزيده، مشاكلنا فى أوائل القرن العشرين هى نفس مشاكلنا فى أوائل القرن الحادى والعشرين، كل يوم ستجد من يستشهد لك بفقرة تصف أحوالنا فتنبهر من عمق الوصف وهو يدخر لك مفاجأة أن هذه الفقرة كُتبت منذ مائة سنة فى صحيفة كذا، فتُحبط وتظن أن بنا عيبا خلقيا اختصنا به الله، وتنسى أن المشكلة فينا نحن، نحن الذين قررنا أن نعيش حياتنا كدائرة، وليس كخط مستقيم، لا أحد فينا يفكر كل يوم فيما سيتركه خلفه، ولا إلى أين ينبغى أن يصل، هو يسير وخلاص كأنه يؤدى دورا فى مسرحية عبثية لا يريد حتى أن يعلم كيف ستنتهى، لو لم نكن كذلك لما قبلنا أن نترك مصيرنا لأناس بهذا القدر من الرداءة، رداءة الفكر والطموح والسلوك، أناس ليس لديهم أى خيال، لأنهم مثلنا بالضبط يعيشون كأنهم دوائر، ولم يخطر على بالهم أبدا أن يكونوا خطوطاً مستقيمة، فانحرفوا وانحرفت بهم بلادنا وستظل تواصل الانحراف إذا لم نعتدل نحن أولا، ونتوقف عن عار الفرجة والاكتفاء بالصراخ الذى لن يخرجنا أبدا من هذه الدائرة الجهنمية التى آن أوان أن نكسرها، الآن وليس غدا.

بلال فضل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
photo man
المراقب الـعـام
المراقب الـعـام
photo man


ذكر
عدد المشاركات : 426
عدد النقاط : 8002
مستوى التقييم : 17
تاريخ الميلاد : 21/06/1987
تاريخ التسجيل : 01/05/2010
العمر : 36

الخط والدائرة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخط والدائرة    الخط والدائرة  Emptyالخميس يوليو 22, 2010 12:09 pm

مشكوووورة بارك اللهف فيكي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الخط والدائرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحب - الزواج - الزواج الروحي - الزواج الجسدي - الخط الاحمر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السورية للمحمول :: :: المنتدى العــام :: :: المنتدى العام :: قسم المواضيع العامة-
انتقل الى: